responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 388
[قضية البعث بعد الممات] (1)
وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [الرعد: 5].
بعد ذكر العقيدة الأولى وهى عقيدة التوحيد ومعرفة الصانع جل وعلا، وإفاضة العقول فيها وذكر الدلائل الكونية لذوى اليقين والفكر والتعقل على وجود البارئ سبحانه، تناولت الآيات العقيدة الثابتة من أصول العقائد، وهى عقيدة المعاد والبعث بعد الموت، فذكرت الآية أن هؤلاء الذين أرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغربون هذه الإعادة بعد التحلل، ويرونها أمرا عجيبا مع أن العجيب حقا هو اعتقادهم هذا مع وضوح الدلائل عليه ونهوض البراهين المثبتة له فقال تعالى: وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ [الرعد: 5].
أخرج ابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن الحسن فى قوله تعالى: (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ) قال: إن تعجب يا محمد عن تكذيبهم إياك فعجب قولهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد فى الآية قال: إن تعجب يا محمد من تكذيبهم وهم رأوا من قدرة الله وأمره وما ضرب لهم من الأمثال وأراهم من حياة الموتى والأرض الميتة فعجب قولهم أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أولا يرون أنه خلقهم من نطفة، فالخلق من نطفة أشد أم الخلق من تراب وعظام؟ [2].
ولك أن تقول: وإن يكن شيء يستحق العجب فهو هذا القول منهم بعد وضوح الدلائل والبراهين على قدرة الله تبارك وتعالى لهم، وتكرير الاستفهام فى قوله: (أَإِذا كُنَّا).
و (أَإِذا) فيه إشعار بشدة استغرابهم لهذا المعاد واستبعادهم إياه، وهذا مما يضاعف العجب من جمودهم هذا. وفى التعبير بالتراب بدلا من الموت، وبالخلق الجديد بدلا من الإعادة:
تصوير دقيق لشدة استمساكهم بهذا الجحود، وعدم تصورهم إمكان البعث بعد الموت.

(1) نشرت فى مجلة (المنار) فى العدد الثامن من المجلد (الخامس والثلاثين) الصادر فى ربيع الثانى سنة 1359 هـ- مايو سنة 1940 م.
[2] انظر: تفسير الطبرى (7/ 339).
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 388
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست